البدالي: المخطط الأخضر زاغ عن الأهداف المرسومة له لتحقيق الأمن الغذائي 

البدالي: المخطط الأخضر زاغ عن الأهداف المرسومة له لتحقيق الأمن الغذائي  صافي الدين البدالي
رمضان على الابواب وسيستقبله المغاربة بأزمة حادة في التموين بمادة الحليب.
"انفاس بريس" اتصلت بالقيادي اليساري صافي الدين البدالي وأجرت معه الحوار التالي:

  
ماهي أسباب توالي  الأزمات في عهد حكومة اخنوش وخاصة على مستوى غلاء أسعار المواد الأساسية؟    
يعيش المغرب أزمة حقيقية، اقتصادية واجتماعية، وما تروج له الحكومة من اهتمام بالقضايا الاجتماعية أو تقمصها شعار "الحكومة الاجتماعية"، يبقى أكذوبة القرن، لأن الواقع يكذب ذلك. فالأسعار تزداد ارتفاعا بالنسبة للمواد الاستهلاكية الأساسية كالخضر والدقيق والزيوت واللحوم وهي الآن أمام أزمة أخرى والتي تتجلى في ندرة الحليب ومشتقاته علما أن رمضان على الأبواب. فهل ستعود الحكومة  إلى استيراد الحليب ومشتقاته بعدما ظلت تتغنى بالمخطط الأخضر في المحافل الوطنية والدولية والذي كان من المفروض أن يحقق  فائضا في الإنتاج من هذه المواد.
  
لماذا لم يحقق المخطط الأخضر الاكتفاء الذاتي من حليب ولحوم وحبوب؟
من المعلوم أن المخطط الأخضر  بني على ركائز أساسية منها الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والحفاظ على الموارد الطبيعية والرفع من الإنتاج الفلاحي الخاص بمجموعة من المواد سيما الموجهة نحو التصدير. وتم رصد  مبلغ مهم لهذا المخطط وصل إلى  150 مليار درهم عند انطلاقته سنة 2008. لكنه ركز على  الدعامة الأولى التي كانت مهيمنة على المخطط لا سيما الموجهة نحو التصدير على حساب المواطنين والمواطنات وعلى حساب الفرشة المائية ومياه السدود التي تم استنزافها في منتجات للتصدير والتي أغلبها تحتاج إلى مياه ضخمة.
 
وهو ما جعل المغرب يكون عرضة لجفاف حاد لم يسبق له مثيل. ونتيجة لذلك وجد المواطنون والمواطنات  أنفسهم أمام منتجات محلية بأثمنة تفوق سعر بيعها في الدول  الأوروبية. 

هذا وتجدر الإشارة هنا، إلى أن  نوعية الأشجار المثمرة للحوامض أو أشجار الزيتون التي تم اقتناؤها من دول منافسة، كانت  نتيجتها ان المنتجات لا تستجيب للمعايير المطلوبة، وهي بداية فشل المخطط  فشلا ذريعا في كسب رهاناتٍ عديدة، على مستوى دعامة الفلاحة التضامنية التي طالما تغنّى بها اصحاب المخطط وبأنها السبيل الأمثل لمحاربة الفقر بالقرى، وتحسين ظروف حياة الفلاحين المعيشية وفك العزلة عن المناطق النائية والمعزولة والحد من الفوارق المجالية. لقد ظلت أهداف  المخطط مجرد مجال لتبذير المال العام والاغتناء غير المشروع من خلال دعم مشاريع شبح. ولقد سبق لمؤسسات رسمية مغربية أن أثبتت في تقارير لها بأن المخطط الأخضر زاغ عن أهدافه حيث  ساءلت المندوبية السامية للتخطيط  في تقرير لها :"أية آفاق للتعبئة الغذائية للمغرب بحلول عام 2025؟". وانتقدت في تقريرها تركيز المخطط على رفع صادرات الخضر والفواكه، على حساب تحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني في المواد الأساسية. وهو ما جعل السوق المحلية ضحية  تقلبات الأسعارعلى المستوى الدولي. 

لقد فشل المخطط في توفير الأمن الغذائي للمغاربة الذين فقدوا الأمل في مبادرات الحكومة ومخططاتها التي تستنزف خزانة الدولة وأصبحوا ينتظرون الغيث لعله ينقذهم من الجوع ومن العطش. وفي نفس السياق دعا المجلس الأعلى للحسابات إلى مراجعة جذرية للمخطط الأخضر في خضم التراجع المهول في المخزون المائي للمملكة، نتيجة تعاقب سنوات الجفاف والتغيرات المناخية، وهو ما لم ينتبه إليه أخنوش صاحب المخطط الأخضر بالحرص على الاستجابة لطلبات الأسواق الأوروبية، بإنتاج زراعات تستنزف المياه الجوفية ومياه السدود كانتاج الحوامض والبطيخ الأحمر والأفوكاد، وغيرها من الفواكه والخضر التي كانت كلفتها على حساب الأمن الغذائي والمائي للبلاد بسبب اختيارات فلاحية غير مناسبة. 

إن حكومة أخنوش لم تستطع وضع مخطط بديل ينقذ البلاد من أزمة غذائية وشيكة  كما أنها لم تقدم حسابا في شأن المخطط الأخضر الذي يعتبر رئيس الحكومة هو الذي اخترع له مخرجاته خارج السياق الاجتماعي والتضامن الفلاحي والأمن الغذائي والبيئي وخارج ربط المسؤولية بالمحاسبة.