الحسن زهور: القبور الدائرية لما قبل التاريخ بمنطقة فم الحصن

الحسن زهور: القبور الدائرية لما قبل التاريخ بمنطقة فم الحصن الحسن زهور ومشاهد للمقابر بالمنطقة
في منطقة إمي أوگادير أي فم الحصن توجد أنواع قديمة من  القبور وتعود الى الانسان القديم لما قبل التاريخ (أسلافنا)؛ من بين هذه الأشكال: القبور الدائرية.
القبور الدائرية بهذه المنطقة كثيرة وتوجد في سفوح الجبال فقط؛ يكون القبر فيها على شكل دائرة من أحجار مسطحة ومتراصة قطر الواحد من هذه القبور حوالي 6 أمتار, ووسط  الدائرة حجارة مسطحة ومرصوصة بعضها بجانب بعض وتملأ كل مساحة الدائرة، ويحيط بهذه الدائرة نوع من الحجارة المسومة المبثوثة والراسخة في الارض ولا يمكن إزالتها الا بحفرها وتشبه شواهد القبور، حيث تكون المسافة بين كل حجر وآخر  من هذه الاحجار المحيطة بالدائرة ثلاثة أمتار تقريبا, وفي وسط الدائرة حجر بارز ومسوم وثابث في الارض ، والمسافة بينه وبين كل حجر من الأحجار المحيطة بالدائرة هي 3 امتار أي ثلاث خطوات( اي شعاع الدائرة)، وهي نفس المسافة بين كل حجر من احجار المحيطة بالدائرة.
أما الاحجار المسطحة التي رصت وسط الدائرة فيصل بعضها تقريبا 50 سم طولا و حوالي15 سم عرضا و 5 الى أكثر من 10 سم سمكا.
والقبور الدائري هو قبر على شكل حفرة بئرية، يدفن فيها الميت واقفا أو جالسا وركبتبه الى صدره.
 
والقبور الدائرية بهذا الشكل في هذه المنطقة نوعان: 
القبر الدائري.
القبر الدائري الذي يرتبط بخطين من الحجارة المرصوصة، والخطان متوازيان يمتدان لعدة امتار خارج الدائرة كأنه ممر او رجلين( لا توجد فتحة في جهة الدائرة التي ينطلق منه الخطان).
وحسب رواية احد شيوخ القبيلة الذين سألته عن هذه القبور ، قال بأن النوع الاول قبر ذكر، والنوع الثاني قبر أنثى. وهذه القبور منتشرة في سفوح جبل باني من طاطا الى أسا وما وراءها، ومن جبال واركژيژ على الحدود المغربية الجزائرية الى المناطق الشرقية بالمغرب.. 
 زرت إحدى هذه القبور قرب النقوش الصخرية القريبة من الجبل البركاني "تيرشت" بفم الحصن (الصورة والفيديو)، وقد تعرض للاهمال وجزء منه جرفه السيل، لكن القبر ما يزال يحتفظ على شكله القديم وحدوده وحجارته المرصوصة..  
وربما هذه القبور الدائرية المرصصة هي مرحلة متطورة من القبور الاخرى المعروفة ب" لارجام" المنتشرة في المناطق الشرقية، ربما بدايتها عبارة عن " أكركور" اي ركام من الحجارة يصل علوها أكثر من مترين،  وتسمى في المغرب ب"لارجام" (ولرجام متنوعة ومتعددة الاشكال )، وهي " اضرحة بسيطة بني كل واحد منها على شكل ركام من الحجارة يسمى عند التوارگ ب 'أدبني ج إدبنيين' ...", ( محمد شفيق، ثلاثة وثلاثون قرنا من تاريخ الامازيغيين، ص 70). وستتحول هذه القبور الدائرية الى ما يسمى ب "بازين" وهي الأضرحة المبنية بحجارة مرصصة مستديرة القاعدة وستتطور الى أن تصبح هرمية او مربعة القواعد، وتسمى كذلك ب " تيميليس" في الجزائر، وتنتشر في شمال افريقيا، لتتحول في أشكالها المتطورة الى أضرحة شاهقة "في شكل منارات مكونة من أربع طبقات أو خمس، عاليها أصغر حجما من سفلاها، او عبارة عن مبان مخروطية الشكل أسطوانية القاعدة يبلغ ارتفاعها ثلاثين مترا فأزيد، ويبلغ قطر دائرتها حوالي ستين مترا... يوجد من نوعها الاول إثنان في تونس الحالية، أحدهما بمدينة دوكة, والآخر بشمتو، ويوجد من نوعها الثاني إثنان بالجزائر ...", ( محمد شفيق، ثلاثة وثلاثون قرنا من تاريخ الامازيغيين، ص70).
الى جانب هذه القبور الدائرية توجد اشكال متنوعة من القبور الأخرى التي تعود الى ما قبل التاريخ.
الحديث عن هذه القبور الدائرية بمنطقة فم الحصن والتعريف بها غايتنا هي التعريف بالتاريخ الثقافي والحضاري المغربي الامازيغي بهذه المنطقة والذي ما يزال يتطلب مجهودات أبنائه للكتابة عنه، وثانيا التنبيه إلى أهمية هذه الآثار التاريخية والثقافية لتتم حمايتها من عبث العابثين وتخريب المخربين الذين لا يعرفون قيمتها الحضارية والثقافية، وثالثا تنبيه وزارة الثقافة وغيرها الى ضرورة تنزيل الخطابات الملكية الأخيرة في هذا الشأن والتي تتحدث عن تثمين التراث اللامادي للمغرب وحمايته والترويج له، ورابعا استثمارها في الثقافة السياحية التي ستمثل دخلا إضافيا للمنطقة.
وبالمناسبة أشكر السادة: محمد أسلام، والحسين بن مسعود، ومحمد أولجديد على المعلومات الهامة التي أمدوني بها حول هذا التراث الثقافي والحضاري الذي كنت أجهله، فلولاهم لما اكتشفت هذا الإرث الثقافي والحضاري بالمنطقة.