الطيار: هذه أبرز نقاط قوة الدبلوماسية المغربية التي تفسر إشراقات عام 2022

الطيار: هذه أبرز نقاط قوة الدبلوماسية المغربية التي تفسر إشراقات عام 2022 محمد الطيار، الخبير والباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية
الحديث‭ ‬عن‭ ‬اشراقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬يتطلب‭ ‬التطرق‭ ‬لثلاث‭ ‬معطيات:‭ ‬المعطى‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬ليست‭ ‬دبلوماسية‭ ‬حديثة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مرتبطة‭ ‬بدولة‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬قرون‭ ‬عديدة،‭ ‬وخلال‭ ‬تلك‭ ‬القرون‭ ‬راكمت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وراكمت‭ ‬كذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭.‬
المعطى‭ ‬الثاني‭ ‬أن‭ ‬قوة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬هي‭ ‬انعكاس‭ ‬لقوة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي،‭ ‬فمن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لما‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مستوياتها‭ ‬الجيدة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬فهي‭ ‬تعطي‭ ‬صورة‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي،‭ ‬فاذا‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬ضعيفة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬دبلوماسية‭ ‬قوية‭ ‬،‭ ‬وعكس‭ ‬ذلك‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬حققت‭ ‬عدة‭ ‬انجازات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوجود‭ ‬مؤسسات‭ ‬قوية‭ ‬ومجتمع‭ ‬متماسك‭ ‬الخ،‭ ‬تكون‭ ‬دبلوماسيتها‭ ‬حاضرة‭ ‬بقوة‭ .‬
النقطة‭ ‬الثالثة‭ ‬وتتعلق‭ ‬بطبيعة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬وهي‭ ‬أنها‭ ‬دبلوماسية‭ ‬متنوعة‭ ‬ومتشعبة،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬القضية‭ ‬الوطنية‭ ‬الأولى‭ ‬ولكن‭ ‬لها‭ ‬حضور‭ ‬دولي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬بناء‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬توترا‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬فقد‭ ‬استمرت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬عملها‭ ‬الذي‭ ‬دشنته‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حل‭ ‬الأزمة‭ ‬الليبية‭ ‬وتقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بين‭ ‬مجموع‭ ‬الأطراف‭ ‬الليبية‭ ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬تحظى‭ ‬بإشادة‭ ‬دولية‭. ‬نفس‭ ‬الأمر‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬الإفريقي‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬بقوة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تعرفق‭ ‬معضلة‭ ‬أمنية‭ ‬متصاعدة،‭ ‬وقد‭ ‬أبانت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬عن‭ ‬قوة‭ ‬كبيرة‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬فقد‭ ‬ارتفع‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬فتحت‭ ‬قنصلياتها‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬بمدن‭ ‬العيون‭ ‬والداخلة‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2022‬، وهذا‭ ‬أكد‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬تكريس‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭.‬
وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬فقد‭ ‬توسعت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المغربية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬والدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬ولكن‭ ‬كذلك‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية،‭ ‬كما‭ ‬ارتفعت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬داخل‭ ‬المغرب،‭ ‬وهذا‭ ‬نتيجة‭ ‬لقوة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭.‬
قوة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬تجلت‭ ‬أيضا‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬2654‭ ‬المتعلق‭ ‬بقضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬كان‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬المغرب‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬الى‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬محاصرة‭ ‬الجزائر‭ ‬وتكريس‭ ‬عزلتها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭.‬
الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬ظهرت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمنية،‭ ‬فالدبلوماسية‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭ ‬أصبحت‭ ‬أقوى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬تنظيم‭ ‬لقاء‭ ‬دولي‭ ‬لمحاربة‭ ‬«‭ ‬داعش‭ ‬«‭ ‬بمراكش‭ ‬عرف‭ ‬حضور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬زيارات‭ ‬الوفود‭ ‬الأمنية‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وبناء‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬تتجلى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الزيارات‭ ‬المتعددة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬كذلك‭ ‬حضور‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬الحدث‭ ‬الرياضي‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬نظم‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬قطر،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬للأمن‭ ‬المغربي‭ ‬حضور‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭.‬
شهدت‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬كذلك‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬التي‭ ‬جسدت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬قوة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العسكري‭ ‬والأمني‭.‬
كما‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬قوة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬اسبانيا،‭ ‬فالأزمة‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬باستقبال‭ ‬زعيم‭ ‬ميليشيات‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬اسبانيا‭ ‬أدارتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬بحنكة‭ ‬كبيرة‭ ‬فأدت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬الى‭ ‬الموقف‭ ‬الإسباني‭ ‬الجديد‭ ‬وهو‭ ‬مهم‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬اسبانيا‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬مستعمر‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬فكان‭ ‬موقفها‭ ‬الداعم‭ ‬لسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الصحراء‭ ‬وجه‭ ‬من‭ ‬أوجه‭ ‬قوة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ . ‬إدارة‭ ‬الخلاف‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬بشكل‭ ‬كذلك‭ ‬نقطة‭ ‬قوة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمغرب،‭ ‬فيد‭ ‬الحوار‭ ‬التي‭ ‬يمدها‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناسبات‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬الجزائرية‭ ‬تبرهن‭ ‬عن‭ ‬قوة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬وتبرهن‭ ‬عن‭ ‬الأسس‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬وهي‭ ‬نشر‭ ‬السلم‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬التعاون‭ ‬والتشارك‭.‬
قوة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬تظهر‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الخلاف‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬بعد‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الضبابية‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬واضحا‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬ثورة‭ ‬الملك‭ ‬والشعب‭ ‬لعام‭ ‬2022،‭ ‬وضح‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬أن‭ ‬مقياس‭ ‬علاقة‭ ‬المغربية‭ ‬الخارحية‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭.‬
ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أيضا‭ ‬طريقة‭ ‬تموقع‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وروسيا‭ ‬بعد‭ ‬الاجتياح‭ ‬الروسي‭ ‬للأراضي‭ ‬الأوكرانية‭ ‬واندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬فقد‭ ‬استطاع‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يدير‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بحنكة‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا‭ ‬جعلته‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬مصالحه‭ ‬بشكل‭ ‬قوي،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربية‭ ‬ناصر‭ ‬بوريطة‭ ‬تدخل‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬لتقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬مابين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا،‭ ‬بخلاف‭ ‬الجزائر‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬ارتباكا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬ألغت‭ ‬مناورات‭ ‬عسكرية‭ ‬كانت‭ ‬ستنظم‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬قرب‭ ‬الحدود‭ ‬الشرقية‭ ‬للمغرب‭ ‬بسبب‭ ‬الضغوطات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬مضطرة‭ ‬لخفض‭ ‬مشترياتها‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الروسية‭ ‬الى‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تنعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭  ‬