مرحبا بكم في "جمهورية ليساسفة الشعبية "!

مرحبا بكم في "جمهورية ليساسفة الشعبية "! عبد الرحيم أريري
كل مقومات"الاستقلال" متوفرة في منطقة ليساسفة بالدار البيضاء:
فرغم أن مساحة ليساسفة لا تمثل سوى 0.001 في المائة من التراب الوطني (بلغت بعد التقطيع الإداري الأخير بالبيضاء 1500 هكتار)، فإنها تأوي ساكنة تصل إلى 160 ألف نسمة حاليا.
ورغم أن سكان ليساسفة لا يمثلون سوى 0.5 في المائة من المجموع العام للمغاربة، فإن حصة مساهمتهم في الناتج الداخلي الخام يصل إلى 21 مليار درهم، أي أكثر من ذاك المسجل في مجموع الأقاليم الجنوبية بالمملكة التي تمثل 59 في المائة من المساحة الإجمالية و3 في المائة من سكان المغرب، على اعتبار أن الحي الصناعي ليساسفة لوحده يضم 250 وحدة صناعية توظف أكثر من 20 ألف فرد، وينتج ثروة وطنية هائلة تتجلى في القيمة المضافة والعملة الصعبة والضرائب المحولة للدولة. 
ورغم أن وثائق التعمير فتحت 3000 هكتار في وجه التعمير بضواحي البيضاء في أفق السنوات العشرين المقبلة، لإيواء حوالي مليون و800 ألف نسمة، فإن حصة ليساسفة لوحدها تصل إلى 500 هكتار، منها 320 هكتار بمدينة النسيم المرتقب أن تستقبل لوحدها 450 ألف نسمة، والدليل على الانفجار السكاني أن السلطات رخصت لأكثر من 30 تجزئة سكنية بليساسفة ومحيطها، معظمها مشاريع تصب في خانة السكن الاجتماعي.
 
ورغم أن ليساسفة كانت جماعة حضرية قائمة الذات قبل 2003، وتم ضمها قسرا إلى مقاطعة الحي الحسني بعد تطبيق نظام وحدة المدينة بالدار البيضاء، فإن ذلك لم يمنع ليساسفة من أن يبقى لها نفس الوضع الذي تتمتع به "جزيرة كورسيكا" في فرنسا، بالنظر إلى أن ليساسفة ظلت المنطقة الوحيدة بالدار البيضاء التي لم تنجح الدولة في تذويب هيكلتها الجماعية الإدارية، على عكس جماعات أخرى ذابت مثل أهل الغلام أو مولاي يوسف أو السالمية. ولم يتحقق ذلك إلا بعد انتخابات 2015 التي عرفت إعداد هيكلة إدارية واحدة بكل تراب مقاطعة الحي الحسني.
ومع ذلك، فإن ليساسفة لم تحصل على أي مردود، اللهم حصولها على لقب "أنفكو الدار البيضاء" بسبب تهريب ضرائبها ومواردها وثرواتها نحو أحياء أخرى إرضاء للنافذين في مجلس المدينة الذين يوزعون موارد الدار البيضاء، ليس وفق الحاجيات والأولويات، بقدر ما يوزعونها وفق تعزيز القلاع الانتخابية لهؤلاء النافذين أو ل"تسمين" اللوبيات الاقتصادية .
 
باستثناء المدخل الجنوبي بليساسفة (les voies pénétrantes) فكل المنافذ الطرقية أصلحت بالدارالبيضاء علما أن هذا المدخل تمر منه يوميا 160 ألف سيارة وحافلة مما يحول المقطع الممتد من مدار عزبان إلى المدار الجنوبي نحو دوار العراقي، إلى جهنم يرهق مستعملي الطريق ويرهق رجال الأمن المكلفين بالمرور ويهدد شريط المؤسسات الجامعية بالسكتة القلبية، بل وقد يهدد القطب المالي في أنفا بالفشل إن لم يتم حل إشكالية التنقل والمرور بمدخل ليساسفة وكذا مدخل شارع عبد الله باها عبر الحي الصناعي، الذي يعد وصمة عار في جبين كل مسؤول يتولى تدبير الشأن العام، بحكم أن مدخل ليساسفة "محكور" ( لا تعبيد ولا جنبات مهيئة ولا رصيف يليق بالآدميين ولا إنارة عمومية جيدة ولا تشجير ولا انسيابية في الجولان والسير).
والأفظع، أن معظم المقاطعات البيضاوية أثتث مجالها بحدائق وفضاءات اللعب أوملاعب القرب للأطفال والشباب باستثناء ليساسفة والأحياء التابعة لها بالنسيم وإيسلان وألماز وغيرها. والعديد من المقاطعات بالعاصمة الاقتصادية طوقت ظاهرة الباعة المتجولين أو جهزت فضاءات ملائمة لهم" نموذج البرنوصي" باستثناء ليساسفة، بل حتى المسؤولين لما يقومون بحملة موسمية لمحاربة هذه الظاهرة يحصرونها في الحي الحسني والألفة، بينما يشطبون على ليساسفة من "الرادار" وكأن قدر سكانها أن يبقوا محاصرين وممنوعين من التنقل.
فمن العار أن تنتج ليساسفة لوحدها، 3 في المائة من الناتج الداخلي الوطني دون أن يكلف رئيس الحكومة أو العمدة أو الوالي أو رئيس الجهة أنفسهم عناء زيارة ليساسفة لطمأنة سكانها ولطمأنة رجال الأعمال الذين خاطروا بالاستثمار في أحيائها الصناعية، وأن يبشروا السكان رسميا بخطة لفك الحصار الطرقي المضروب على "انفكو البيضاء" والإعلان عن " مخطط مارشال" خاص بإعادة هيكلة ليساسفة.
فسكان ليساسفة ومستثمروها ومنعشوها والفاعلون والجمعويون بها لا يطالبون "بالانفصال وتأسيس جمهورية وهمية"! حتى يلتفت إليهم وزير الداخلية لصياغة ورقة تأطيرية للتنمية، بل يطالبون فقط بإنصافها، أو على الأقل إعلانها المقاطعة رقم 17 بالدار البيضاء حتى "تتقاتل" نخبها وتدافع عن مصالح ليساسفة أملا في عدالة مجالية.