ندوة علميّة تقارب "سؤال علاقة المؤسّسة الجامعيّة والمؤسّسة الجماعيّة"

ندوة علميّة تقارب "سؤال علاقة المؤسّسة الجامعيّة والمؤسّسة الجماعيّة" جانب من الندوة
شدّد مشاركون في أشغال الندوة العلمية "إنزكان (1922 ـ 2022)/قرن من التحولات الديمغرافية والاقتصادية"، على أنه لا بدّ من رسم معالم أفق جديد يؤشر لتحول هيكلي عميق في العلاقة بين المؤسستين وإعطاء الانطلاقة لورش مفتوح مستدام بينهما يمكن من تكوين وتأهيل أعضاء المجلس وتطوير أداء مهامهم الدستورية والقانونية والتمثيلية، ويوفر شروط تجويد الإطار التصوري للبناء التنموي وشروط التنزيل من أجل خلق القيمة المتعددة للمدينة تكفل جودة إطار العيش".

 جاء ذلك في أشغال النّدوة التي احتضنتها رحاب كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بأيت ملول نهاية الأسبوع، والتي نظمها مركز وادي سوس بإنزكان بشراكة مع مجلس جماعة إنزكان وكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بأيت ملول وبتعاون مع المختبر متعدد التّخصصات في اللغات والديناميات الفنية والاجتماعي(LILDAS).

 وبحسب المنظمين، فقد  جرت أطوار الندوة في جو علمي أكاديمي مثمر من خلال جلستين علميتين غنيتين، وقد سُجلت النسبة الكبرى على مستوى الحضور للفاعل الأكاديمي والأستاذ والباحث الجامعي إضافة إلى قلة من الطلبة ولهم مبررهم نظرا لتزامن النشاط مع الاستعدادات لامتحانات الدورة الأولى، غير أن الغائب الأكبر هو الفاعل السياسي والمدبر الجماعي الترابي. نفس الأمر تكرر في اليوم الثاني، الذي احتضنت فعالياتِه قاعةُ الحسين قرير للاجتماعات بمقر جماعة إنزكان في محور يهم المدبّر الترابي ويهم الفاعل المدني وساكنة المدينة (أي موقع لمدينة إنزكان في الاستراتيجية التنموية لمجلس جهة سوس ماسة؟)، حيث حضر الفاعل الجماعي والمدبر الترابي في منصة المداخلات في إطار الالتزام وغاب عن القاعة إذا استثنينا ثلاثة من نواب رئيس مجلس جماعة إنزكان وعضوا بنفس المجلس. وهو ما اعتبره الفاعلون مشكلا بنيويا امتد على طول سنوات تجربة التدبير الترابي بالمغرب، ويدفع مرة أخرى نحو واجهة التأمل والاستفهام السؤال الإشكالي عن علاقة المؤسسة الجامعية بالفضاء العمومي وبالتدبير الترابي حيث إن من المسلم به أن الجامعة فضاء لإبداع الأفكار وإعداد الخلاصات البحثية ونتائج الدراسات وصياغة المقترحات الإجرائية المؤهلة لاعتمادها في السياسات العمومية وفي البرامج التنموية للجماعات الترابية، والقابلة للتنزيل من طرف المتواجدين في مراكز القرار بمختلف مستوياتها الإدارية والتراتبية. 

ووقف الحاضرون من خلال المادة المعرفية والمادة البحثية ونتائج الدراسات الجغرافية والتاريخية والاقتصادية، في الجلستين العلميتين علميا وإحصائيا، على منعطفات التحول الديمغرافي وخلاصات الدينامية الديمغرافية بمدينة إنزكان.

 ومن هذه الخلاصات البحثية أن هذه المدينة تعيش حاليا ما يسميه أهل التخصص الديمغرافي بالفرصة الديمغرافية على اعتبار كون التركيبة السكانية تتميز حاليا بارتفاع منحنى الفئة النشيطة بين 15 سنة و60 سنة، وهو ما يعطي نموا اقتصاديا بالمدينة ويخلق ثروة تشكل المورد الأساس لبرامج ومشاريع السياسات العمومية ولاعتمادات البرامج التنموية للجماعات الترابية. غير أن المثير للقلق هو التحول التدريجي لديمغرافية المدينة في العقود المقبلة نحو الشيخوخة، مما يشكل تهديدا للوضعية الاقتصادية للمدينة التي انطلقت بسوق صغير اسمه طلاطا واكسيمن لتصبح مركزا تجاريا منافسا من خلال عدد الأسواق والمراكز التجارية التي تضاعفت دون الحديث عن مختلف المتاجر والمحلات التي تمارس فيها التجارة.

وطُرِح السؤال من جديد وبصيغ مختلفة عن مدى استفادة مدينة إنزكان من الثروة التي تنتجها الفئة النشيطة من ساكنة المدينة؟. وما هو العائد الإجتماعي والثقافي والصحي والبيئي وعموما التنموي خصوصا ونحن نعيش تحت وطأة مطلب وإلحاح تحدي التنمية المستدامة؟ سؤال يتجدد باستمرار لأننا نصطدم بتناقضات ومفارقات صارخة لا تعكس ذلك الرواج وتلك الدينامية التسوقية والخدماتية للمدينة؛ عدم كفاية البنيات الاجتماعية وقلة المرافق الثقافية والبيئية... ـ مظاهر مخلفات العشوائية الديمغرافية، مخلفات العشوائية التعميرية، العشوائية الاقتصادية وتمدد الاقتصاد غير المهيكل....
 
الفاعل الأكاديمي وهو من يملك الأدوات المنهجية والبحثية لمد الفاعل السياسي والمدبر الترابي بهذه القراءات وهذه الخلاصات وهذه الاستنتاجات لم يأخذ بعد موقعه المستحق في صلب الاهتمام والالتفات، بل ويكون مصيره أحيانا التهميش والإقصاء كنوع من تبيض النقص وحجب الشعور بالضعف المعرفي والخبراتي.