ما السر وراء الغزل المتبادل بين المغرب وبريطانيا؟

ما السر وراء الغزل المتبادل بين المغرب وبريطانيا؟

الآن وبعد مرور نحو 800 سنة على العلاقات المغربية الإنجليزية، تبقى كل التساؤلات مشروعة حول ما إذا كان من الضروري انتظار طيلة هذه المدة حتى يتم الاقتناع بحتمية إعادة النظر في طبيعة تلك الروابط؟، وهل كان من الممكن الوصول إلى هذه القناعة لولا تعيين للا جمالة العلوي سفيرة بالمملكة المتحدة؟. استفساران وغيرهما، وبقدر الأهمية التي يفرضان بها قوتهما على مستجدات الأحداث، يؤشران وبالملموس على أن هناك بالفعل شيء ما من الالتفات الواجب توجيهه إلى المستقبل في أفق أن يحمل تفعيل الرؤى التي اتضحت بوادرها أخيرا لدى مسؤولي كلا البلدين. وخاصة بالنسبة للمغرب الذي يظل في حاجة أكبر من أي وقت مضى إلى تأكيد انتهائه إلى حقيقية وجود بلدان أخرى غير فرنسا بإمكانها تشكيل ذلك الحليف الاستراتيجي ذا الأبعاد الاقتصادية والثقافية والسياسية. لهذا، صارت الدعوة ملحة ودون مجال للتردد، للانخراط سريعا في ما عبرت عنه السفيرة للا جمالة العلوي مرارا، بشأن الاستشعار بالجاذبية الخاصة التي تجمع المغرب وبريطانيا، والتي ما كان لها إلا أن تؤسس لإرادة بناء علاقات وثيقة قد تجد صدى لها على جميع المستويات. وذلك في تجاوز للصلات السياسية إلى تلك المتعلقة بالمفكرين ورجال الأعمال والطلبة. وتماشيا مع ما تحظى به بريطانيا من ثقل اقتصادي ومالي على الصعيد العالمي، ووقعها الوازن على كافة المناحي المثبتة لمكانة اسمها بين مختلف قادة العالم، تأتي ضرورة استغلال فرصة الميول المباشر للمسؤولين البريطانيين نحو ما أبدوه من رغبة واستعداد للحرص على إعطاء معنى آخر مساير لتحولات المرحلة في وضعية علاقة الملكيتين اللتان تعدان من أعرق الملكيات في العالم. وبالتالي، حمل هم متبادل لغاية إزاحة كل ما من شأنه أن يعرقل التقدم صوب منحى أمر اعتبار المغرب وبريطانيا شريكين أساسيين ومتكاملين. وفي هذا الإطار، سبق ل لالة جمالة العلوي أن أكدت وبصيغ متباينة بأن المغرب يتمتع بموقع منفرد باعتباره مركزا إقليميا في مجالي التجارة والاستثمار وإعادة التوزيع، موضحة كون العلاقات بين المغرب وبريطانيا تمثل مكونا هاما جدا في إطار هذه الرؤية. وبما أن المملكة المتحدة، حسب ما تشدد عليه للا جماللة العلوي، تعد سوقا توفر إمكانيات هامة للتصدير، يتعين استثمارها من قبل المنتجات المغربية. وإن كان لكلام السفيرة المغربية ببريطانيا من رسائل غير مباشرة، فإنه سيكون أبرزها، الوعي بأن ليس الشق الأمني هو ما يمكن أن يجمع المغرب بالدولة التي يوجد بها أزيد من 30 ألف مهاجر مغربي، ويأتي ما يقارب 500 ألف سائح من أرضها للمغرب سنويا، ولكن كذلك هناك مجالات أخرى حيوية قد تجعل من تلك العلاقات مصدر تميز لقنوات التواصل الحديثة، والمبنية أساسا على الثنائية المتينة وقاعدة رابح رابح. وذلك، ربما تتويجا لما مازال يحتفظ به البريطانيون في ذاكرتهم رغم فوات مآت السنين، حين أرسل الملك جون سنة 1208 بعثة يطلب من خلالها العون من سلطان الموحدين محمد الناصر لمواجهة التهديد الفرنسي بالغزو من ناحية، ولمواجهة ثورة الإقطاعيين من ناحية أخرى.