هكذا وبعد أن تفادت إسبانيا ملاقاة البرازيل في دور الثمن النهائي، حتى لا تربك حسابات الفيفا، حيث احتلت الرتبة الثانية متعمدة ذلك، ومعتقدة بأنها بإمكانها تجاوز المنتخب المغربي، ومع ذلك حصل ما لم يكن في حسبان مهندسي الفيفا؛ حيث انتصر المغرب بركلات الترجيح، ومر إلى الدور الربع نهائي لأول مرة في تاريخه. ومرة أخرى أخطأت الفيفا الطريق، وذهبت تكهناتها أدراج الرياح بفوز المغرب على البرتغال في دور الربع نهائي، ليكون أول بلد افريقي وعربي يصل إلى المربع الذهبي.
لم يكن طموح المغرب طبعا الوقوف عند هذا الحد، بل كانت تحدو ناخبه الوطني ولاعبيه رغبة جامحة في تحقيق حلم الأمة العربية والإسلامية والقارة الأفريقية بالفوز بكأس العالم، وتجاوز عقبة المنتخب الفرنسي بنجومه الكبار، وخبرته الواسعة في هذه المنافسات. غير أنه درءا لكل مفاجأة استعمل التحكيم كأداة لكبح جماح أداء المنتخب الوطني ولإيقافه عند حده، حيث أنه بالرغم من التطور التكنولوجي للتأكد من ضربات الجزاء، إلا أن هذه التقنية لم يتم اعتمادها في مباراة المغرب ضد فرنسا، واعتمدت في المقابل في مبارة فرنسا، مما يؤكد سياسة الكيل بمكيالين.
لا نختلف طبعا في أن المنتخب الفرنسي قوي بدنيا وتكتيكيا، وفي المهارات الفردية للاعبيه، لكن مع ذلك كان للفيفا لها كلام آخر، وهو انه لا مجال للمجازفة بالمصالح التجارية والاقتصادية للوبي المتحكم في التجارة، وفي الاقتصاد عبر الإشهار للعلامات التجارية، والتي بالطبع يهمها المجتمعات التي لها الموارد المالية للاستهلاك، وهي الدول الغربية بكل تأكيد.
إن تصفية الحسابات وكولسة نتائج المباريات ليست بأمور جديدة على الفيفا. فالكل يعلم كيف أقصيت الجزائر من التأهل إلى الدور الثاني في مونديال 1982باسبانيا حيث تآمرت ألمانيا مع النمسا لإقصاء الجزائر بعد أن كانت للفرق الثلاثة (الجزائر. ألمانيا. النمسا) ست نقط لكل منهم، والفارق هو نسبة الأهداف. ثم في سنة 1998 بمونديال فرنسا، حين كان المغرب قاب قوسين أو أدنى من الترشح للدور الثاني، وكان يكفيه فقط تعادل البرازيل مع النرويج، إلا أن العكس هو الذي حصل، ليقصي المغرب بعد أن انهزمت البرازيل امام النرويج.
هو تاريخ استحضرناه، إذن، ليتضح لنا خبث مدبري الشأن الكروي عالميا بذراعه القوي الفيفا والذي دائما يرسم الخطوط الحمراء لكل النتائج.