عبد السلام المساوي: سنعبر للمربع الذهبي.. حلم قارة اسمها افريقيا 

عبد السلام المساوي: سنعبر للمربع الذهبي.. حلم قارة اسمها افريقيا  عبد السلام المساوي
خرج الملك فرحا بفرحة الشعب ، وكما أخرجت أسود الأطلس كل المغاربة للتعبير عن فرحة النصر ، كان الملك واحدا من هؤلاء المغاربة الذين هاموا في شوارع ربوع المملكة فرحا ، مبتسما ، يرتدي قميص الأسود الأحمر ، يمسك العلم الوطني بيده ويلوح به من نافذة السيارة التي أقلته الى وسط العاصمة الرباط .
 لقد أبى جلالة الملك إلا أن يلتحم بجموع الجماهير من كل الفئات والأعمار والمستويات التي تدفقت من المنازل والمقاهي والمطاعم ، وتجمعت في الساحات والشوارع الكبرى للعاصمة احتفالا بالنصر .
كان المشهد رائعا ، حين شوهد الملك وسط سيارته يلوح بيديه مبتسما الى المواطنين الذين بادلوه التحية بأحسن منها ، قبل أن يتحول هذا لمشهد إلى وثيقة بالصوت والصورة تتجول أرجاء العالم وتعطي الدليل القاطع على أن وراء كل استحقاق تاريخي ، قائد ملهم وحكيم ، وشعب محب وعظيم .
 وعندما تحضر مشاعر الحب تحجب ما عداها من التفاصيل ، لا سيما عندما يكون حبا حقيقيا متبادلا : حب الأسود لقميصها ووطنها ، حب الجماهير المغربية لأبنائها الذين أبلوا البلاء الحسن ، حب الملك / الأب لأبنائه في كل ربوع المملكة .
قلناها للكل تلك الليلة ، وسنقولها على الدوام " نحن مغاربة ونفتخر " .
لدينا هاته القلوب الشجاعة التي تزأر حين الحاجة إليها .
لدينا هاته الرئات التي لا تتعب حين نداء الوطن عليها .
لدينا عرق الجبين المغربي ، الصرف ، المحض ، الحلال الذي يسيل وديانا عندما يقول له المغرب " حي على رفع الراية خفاقة بين الأمم " .
يهب الفتى ، يلبي النداء ، وفي الفم وفي الدم منه يثور الهوى دما ونارا . ينادي إخوته في كل مكان أن هيا ، لتلبية نداء العلا والوصول إليه سعيا ، من أجل أن تشهد الدنيا ، كل الدنيا ، أننا نحن القوم الذين نسمى المغاربة لا نحيا هنا إلا بشعار واحد : الله والوطن والملك .
من الرباط إلى البيضاء وطنجة ومراكش ومكناس والداخلة وأسا الزاك وعيون الساقية الحمراء ، إلى وجدة والرشيدية والسعيدية ، ومن الريف الرائع إلى تخوم سلاسل جبال الأطلس الشامخ ، انفجر شلال الفرح ، ورفعت الحناجر والأصوات والموسيقى والأهازيج ، وسهر المغاربة ، إلى الساعات الأولى من الفجر ، يهتفون بأسماء الأسود ومدربهم ، ويطلبون المزيد .
المزيد الذي يعني أن سقف الأحلام أصبح مرتفعا على النحو الذي لا يمكن مقاومته ، واضحى الطموح جامحا في مبارزة كبار اللعبة في العالم والتغلب عليهم ، وهو شعور لا يمكن أن تحسه إلا شعوب ودول ظلت تعتقد لعقود من الزمن أنها أدنى درجة من الآخرين .
فما فعله المغرب في مونديال قطر 2022 ،  لا يمكن اختزاله في مجرد انتصارات متتالية على دول " عريقة " في كرة القدم ، بل رسائل مشفرة إلى الشعوب العربية والإفريقية وبعض الدول في آسيا إلى " النهوض " من أجل تجريب لعبة جميلة اسمها الحلم .
إن الدروس التي قدمها المنتخب المغربي من المونديال مهما كانت نتيجة مباراته المقبلة ، لا تعد ولا تحصى ، هزم المنتخب البلجيكي ، المصنف ثاني عالميا ، ومن أبرز المرشحين للفوز في البطولة ، وتعادل في مباراة دراماتيكية مع الفريق الذي لعب نهاية كأس العالم الماضية ، فاز على منتخب كندا وهزم المنتخب الإسباني الذي يعج بالنجوم والبطولات ، وهذا الدرس يعني شيئا واحدا ، ما دمت مغربيا فلا تستصغر شأنك وآمن بقدراتك .
الأكيد أنه ما زال في جعبة هذا البلد الضارب في التاريخ ما يقدمه للعالم ، فإذا كانت قطر قد شرفت العالم العربي والإسلامي بحسن تنظيم كأس العالم ، فإن المغرب تكفل بالدفاع عن صورة العرب والمسلمين والأفارقة والأمازيغ كرويا ، أمام أعتى المنتخبات التي كان مجرد مواجهتها في سابق الأزمنة تعد إنجازا في حد ذاته .
أحلم بنصف النهائي ، أحلم مثل كل الأفارقة الذين يرون المغرب منذ مدة في رياضة قارة بأكملها ، بأن نعبر للمربع الذهبي . نحن الآن مع الثمانية الكبار ، وابننا الركراكي يستحق الثقة التي وضعناها فيه .
شكرا للمنتخب المغربي الذي جعل مئات الملايين عبر أنحاء العالم يصفقون لهذا البلد العظيم ، للمغرب ، للمغرب ، ملكا وشعبا .