مساعد: كتاب الحنوشي ينتمي للجيل الثاني الذي يمهد للجيل الثالث من حقوق الإنسان

مساعد: كتاب الحنوشي ينتمي للجيل الثاني الذي يمهد للجيل الثالث من حقوق الإنسان الدكتور عبد القادر مساعد، منسق ماستر حقوق الإنسان
صدر مؤخرا كتاب: «البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات» للباحث عبدالرزاق الحنوشي، وقد حظي المؤلف باهتمام لافت عكسته اللقاءات المتعددة التي نظمت في عدة مدن (نحو 20 لقاء في ظرف أربعة أشهر)، وكذا القراءات النقدية والتحليلية التي أنجزتها العديد من الفعاليات الأكاديمية والحقوقية. وسبق لنا في «الوطن الآن» و«أنفاس بريس» أن نشرنا بعضها. ومواكبة للدخول الثقافي الجديد، نواصل نشر مساهمات جديدة. في هذا العدد ننشر مساهمة الدكتور مساعد عبدالقادر، منسق ماستر حقوق الإنسان
 
 
بادئ ذي بدئ  نود أن نشكر الأستاذ عبد الرازق الحنوشي على قبوله تقديم كتابه المعنون:" البرلمان وحقوق الإنسان" برحاب كلية الحقوق بطنجة وأمام طلبة ماستر حقوق الإنسان وطلبة سلك دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الإنساني وفي إطار الأنشطة المنظمة من لدن فريق البحث حول الإدارة والقضاء وحقوق الإنسان. كما نعتز بحضوره والمساهمة بالتعريف بهذا المنتوج الفكري ومنافشته مع متخصصين في الموضوع، والتواصل مع فئة متخصصة في مجالات حقوق الإنسان.
 
في البداية لابد من التأكيد على أنه ليس كل كتاب قابل للقراءة العلمية، والدخول إلى الجامعة للمناقشة والتقديم. أي يمكن شراء أي كتاب وقراءته، ولكن هل كل كتاب قابل للقراءة العلمية؟ وأسطر على العلمية.
 
لماذا؟ لأن الجانب العلمي له ضوابط، ويعتمد على مناهج علمية ويتضمن آليات وأسس من اللازم على كل كاتب مراعاتها في التحرير. ونحن نؤكد منذ البداية أن هذا الكتاب بطبيعة الحال هو كتاب فيه جوانب علمية وعملية مهمة، يمكن أن نشكل بالنسبة للطلبة، وبالنسبة لنا نحن كأساتذة مرجعا نستند عليه في المجالات المرتبطة بحقوق الإنسان في المغرب.
 
فالإشكالية اليوم هي أن عدد الكتب المتعلقة بالأبعاد العلمية لحقوق الإنسان تبقى محدودة، أما الكتب التي تتكلم عن حقوق الإنسان من زوايا مختلفة فبطبيعة الحال متوفرة وموجودة. ومن  هنا فإنه أمام ندرة الكتب العلمية يمكننا القول أن هذا الكتاب جاء:
 
- ليعزز المكتبة المغربية،
 
- ليسهم فيما يعرف بتعريف العمل البرلماني في مجال حقوق الإنسان،
 
-- ليشكل إطارا يمكن للمعنيين الاستناد عليه في إبراز دور المؤسسة التشريعية في تعزيز حقوق الإنسان بالمغرب.
 
وعليه يحق لنا أن نتساءل عن الجيل الذي ينتمي إليه الكتاب ضمن أجيال الكتابة في مجالات حقوق الإنسان. حيث أن الكتابة في مجال حقوق الإنسان ذات مسارات تاريخية معينة يمكننا تقسيمها لثلاثة أجيال، الجيل الأول وهو المرتبط بالفكر الفلسفي حيث  كانت حقوق الإنسان ترف فكري، أي بمعنى أنشودة فكرية وفلسفية يعتبرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي أنه غير معني بها، بل هي فقط ترف نحتاجه في بعض المناسبات، ونشتغل به ونتداول به. أما الجيل الثاني فهو المرتبط بالقانون وحقوق الإنسان وهذا هو الاشكال المطروح الآن في المجتمعات، ونحن نعلم أن هذا الربط بين القانون وحقوق الإنسان يقزم من حقوق الإنسان في بلورتها وترجمتها، وفي صياغتها وصناعتها، لا تحتاج إلى قانون بقدر ما تحتاج إلى الجيل الثالث الذي هو فكر وسلوك وتربية، أي الجانب التربوي والجانب السلوكي  لذا يصبح القانون في المستوى الثالث هو تحصيل حاصل. أي مستوى الأبعاد الجديدة لحقوق الإنسان.
 
إذن يمكن القول إن هذا الكتاب ينتمي للجيل الثاني الذي يمهد إلى الجيل الثالث وهذا مكسب للمكتبة المغربية.
 
لأنه اليوم نعلم أن هناك تفوق للكتب السياسية والكتب العملية على الكتب العلمية في سوق الكتب، حيث نلاحظ أن الكتاب السياسي أكثر تسويقا من الكتاب العلمي، وهذا له من الأبعاد والتبريرات الموضوعية والمادية ماتحتاج إلى توقف وإعادة النظر.
 
وربما ما يميز هذا الكتاب هو أنه فيه جانب علمي وعملي. لذا فهو يشكل كتابا مرجعيا يمكننا من الإعتماد عليه، ولكن ما أوقفنا في هذا الكتاب هو الصراحة والوضوح لأنه اليوم يمكن القول إنه في مجال حقوق الإنسان هناك سياسة يعتمدها المغرب وهي سياسة الجرعات، الجرعة الأولى والجرعة الثانية والثالثة والرابعة.... حيث تتساءل مع الكاتب أين وصل المشرع في كمية الجرعات في مجال حقوق الإنسان؟.
 
فعند العودة للإحصائيات التي أوردتها الكاتب فهي مهمة، لكنها تحتاج إلى تفكيك وقراءة خاصة. لهذا فالكتاب يتضمن كتبا متعددة .حيث أن عملية قراءة الإحصائيات والمعطيات  الواردة في الكتاب تحتاج إلى وقفات، خصوصا مثلا ما يتعلق بعدد الأسئلة الكتابية أي 1255 سؤال في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مقارنة مع عدد الأسئلة المتعلقة بحقوق الأشخاص المسنين، في الوقت الذي يعرف فيه المغرب ارتفاع عدد المسنين، وفي غياب اتفاقية دولية  خاصة بكبار السن.
 
أما بالنسبة لعدد الأسئلة المرتبطة بالحقوق المدنية والسياسية والواردة في الكتاب فعددها قليل مقارنة مع الأسئلة المرتبطة بالحقوق الأخرى.  نفسره نحن بالإشباع والتخمة المميزة لهذه الحقوق في المجتمع المغربي. حيث أن هناك اقتناع بتوسع هذه الفئة من الحقوق لدى السلطة التشريعية.
 
لذا، اليوم نقول إن هذه الإحصائيات تحتاج إلى كتب ونحن نقترح على الكاتب الاشتغال على استنطاق وتحويل تلك الجداول إلى لغة نثرية. أي العمل على تحليل الاستنتاجات والتوجيهات والتوصيات والاقتراحات، لأن الملاحظ أن الكاتب إلى جانب إشارته لسياسة الجرعات، أشار إلى جانب مهم وهو تغليب الجانب التنفيذي على المجال التشريعي في مجال حقوق الإنسان أي أن مشروع القانون المقترح من قبل الحكومة أكثر من مقترحات القوانين وهذا خطير جدا، "خطير" بمعنى أن الحكومة هي التي تشرع في  حين أن اختصاصات البرلمان أي السلطة التشريعية واضحة وهي التشريع في مجال الحقوق والحريات. وهنا نجد أن الحكومة هي التي تشرع من خلال وضع مشاريع قوانين أكثر من مقترحات القوانين بل حتى الإحصائيات تثير هذه المعطيات.
 
ولهذا كان من المفروض وأنا أطرح على الكاتب تساؤل لماذا قال البرلمان وحقوق الإنسان ولم يقل حقوق الإنسان والبرلمان ربما أظن أن له فلسفته ومرجعياته، ولكن كنت أتمنى أن يكون عنوان الكتاب :"حقوق الإنسان والبرلمان" وليس العكس.
 
وبذلك نقول إن الكتاب فيه نوع من القوة والرأي في الإسناد، أي أنه لا يخاف في الإحالة أو الإسناد لومة لائم، ربما لطبيعة المسار السياسي و الشخصي للكتاب على حد قول أحد المتدخلين في هذا اللقاء المرتبط بقراءة الكتاب. ولا أدل على ذلك ممايلي:
 
أولا: ماورد في الصفحة 215 من عبارات قوية في الإسناد. حيث أننا نجد الكاتب يردد عبارات مثل : " سحق المعارضة"، "الخوف من السيطرة على السكان"، وهي مصطلحات قوية في الإسناد. خاصة وأننا في المجال العلمي عندما نستند على الشيء فإننا تتبناه  إما صراجة أو ضمنا.
 
ثانيا: ماورد في الصفحة 216 عندما يقول الكاتب:"... كوفيد 19 تستخدمه الحكومة كغطاء لانتهاك حقوق الانسان..."
 
ثالثا: ما ورد في الصفحة 115 حيث نجد الكاتب يتحدث عن التمسك باطلاق سراح السجناء والنزلاء خاصة مع ظرف كوفيد 19 .
 
رابعا: مالم يرد في الكتاب من مصطلحات واللغة المتداولة والخطاب. مثل:
 
- كلمة "قبة البرلمان".
- طريقة طرح الأسئلة والشنآن
- عدم الاحترام
-الغياب
- اللغة الواردة في صياغة بعض القوانين التشريعية
 
عموما فالكاتب يريد أن يرصد الكل وهذا هو الجميل في الكتاب. كما نتمنى أن يتم تجزيء هذا الكتاب إلى كتب، لأن فيه من الجزئيات ما يستوجب التفكيك بأدوات علمية أخرى. ودون تحفظات كما هو الأمر بالنسبة لتسمية "لجنة التشريع وحقوق الإنسان" وليس "حقوق الإنسان والتشريع"، أو "لجنة العفو والتشريع وحقوق الإنسان" الجمع بينهما بواو العطف كما هو متعارف عليه في النحو والإعراب. ولماذا لم يدعو إلى لجنة خاصة بحقوق الانسان مثلا و........ أي إشكالية الأولوية والترجيح والموازنة.
 
وفي ختام هذه القراءة العرضية، نهنئ أنفسنا كطلبة وأساتذة، أننا كنا من الذين أسهموا في قراءة هذا الكتاب. فشكرا للكاتب على قبوله تقديم كتابه بكلية الحقوق بطنجة أمام طلبة وأساتذة ماستر حقوق الإنسان.