في الحاجة إلى شبكة أوربية ناعمة لدعم الحكم الذاتي بالصحراء

في الحاجة إلى شبكة أوربية ناعمة لدعم الحكم الذاتي بالصحراء عبد الرحيم أريري
في حربه المقدسة ضد العدو الجزائري يركز المغرب على خمس جبهات أساسية: الجبهة العسكرية لحماية الحدود لصد كل اعتداء. الجبهة السياسية لنسف كل أطروحات ودسائس كوريا الشرقية. الجبهة الديبلوماسية لإقناع الدول والمنظمات بمشروعية الملف المغربي. الجبهة الاستخباراتية لجمع المعلومات لتغذية صناع القرار بكل ما يحاك ضد المغرب من طرف جيران السوء، ثم الجبهة العمرانية والتعميرية المتمثلة في إخراج أساسات البنى التحتية والمشاريع من جوف الصحراء.
 
ورغم وجاهة كل هذه الجبهات، فإن هناك جبهة على المغرب استثمارها لأنها لا تقل أهمية في تعزيز المكتسبات وتجفيف منابع دولة العصابة ومن يسايرها في خبثها. ونقصد بذلك الجبهة البلدية بأوروبا وباقي دول العالم، بحكم أن رؤساء البلديات (خاصة بأوروبا) لديهم امتدادات داخل المجتمع المحلي بهذه المدينة أو تلك، فضلا عن كون البلديات الأوروبية هي المشتل الذي يتكون فيه السياسيون لتقلد مسؤوليات حكومية أو عمومية سامية في بلدانهم. وبالتالي إذا وضع المغرب خطة لتكوين «دروع ديبلوماسية بلدية» ببلدان أوروبا، فإنه سيحصد بالتأكيد أصواتا داعمة للطرح المغربي.

المثال الذي نستشهد به يتجلى في التصريح المهم الذي جهر به «فيتو بيلومو»  Vito Bellomo عمدة مدينة «ميلينيانو» الإيطالية Melegnano ، والمنتمي «لحزب رابطة الشمال» أحد أهم الأحزاب بإيطاليا. إذ دعا العمدة «بيلومو» في المهرجان المنظم بمدينة ميلينيانو يوم الأحد 6 نونبر 2022 من طرف «الفضاء المغربي للتضامن» بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء، رؤساء البلديات الإيطالية، «للقيام باختيارات واضحة لدعم الملك محمد السادس لتنزيل خطة الحكم الذاتي بالصحراء والإعلان عن المساندة الكاملة للمغرب في ملف الصحراء».

هذا الإعلان الواضح والموقف الرسمي للعمدة «فيتو بيلومو»، يعد فرصة لكي تنتبه حكومتنا وأحزابنا ونخبنا بالبرلمان والجماعات الترابية لتسطير استراتيجية تروم حشد مواقف رؤساء البلديات بإيطاليا، والبدء بالتنسيق مع رؤساء 7904 بلدية بإيطاليا، الأقرب إلى طرح «حزب رابطة الشمال» لتوقيع بيان أو ملتمس أو عريضة يكون فيها الانتصار واضحا لموقف المغرب. 
ويمكن في هذا الإطار الاستعانة بخيرة النشطاء والجمعويين المغاربة المقيمين بإيطاليا لتحقيق هذا المطلب، بالنظر إلى أن العديد من مغاربة إيطاليا بنوا جسورا مع النخب المحلية الإيطالية.

نفس المطلب يمكن تعميمه ليشمل باقي دول الاتحاد الأوروبي، الذي تضم دوله ما مجموعه 89.000 بلدية، منها 80 في المائة ممركزة في خمس دول وهي: فرنسا (41 في المائة)، ألمانيا (13 في المائة)، إسبانيا وإيطاليا (9 في المائة لكل واحدة منها)، ودولة التشيك (7 في المائة).

صحيح، أن الموقف الرسمي للحكومات هو المعتمد في تصريف اختيارات الدول حول الصحراء، لكن تعبئة رؤساء البلديات الأوروبية وحشدهم في إطار رؤية مدروسة لخلق شبكة ناعمة مناصرة للوحدة الترابية للمغرب سيكون بمثابة جدار سميك يمنع تغلغل طرح دولة العصابة أو طرح الدولة العميقة بفرنسا من التجذر في تربة باقي الدول.

أليست للمغرب أحزاب مشاركة في أمميات اشتراكية وليبرالية وغيرها؟ فما المانع من استغلال هذه القنوات لأجرأة هذه الفكرة؟
أليست للمغرب جماعات ترابية لديها توأمات مع مدن أجنبية ومنضوية في لواء منظمات الحكم المحلي بالعالم؟ فما الذي يحول دون تحرك منتخبي المغرب بهذه المؤسسات لإخراج الحلم إلى حيز الوجود؟.
 
أليست للمغرب وزارة للداخلية تضم مديرية للتعاون الدولي، فما الذي يمنعها من أخذ المبادرة، وخلق خلايا لتنفيذ هذا المشروع على أساس أن تتولى كل خلية التنسيق مع مغاربة العالم في دولة واحدة (خلق 27 خلية لـ 27 دولة عضو بالاتحاد الأوروبي، و49 خلية لكل دول أوروبا)، وكل خلية نعبئ فيها 3 أو 4 أطر من «الكاميكاز» المغاربة الأوفياء المهووسين بقضية واحدة، ألا وهي قضية «ردم الجزائر في رمال صحراء المغرب» ؟!