كريم مولاي: ماذا جنى العرب من قمة الجزائر؟

كريم مولاي: ماذا جنى العرب من قمة الجزائر؟ كريم مولاي
‏بعد ثلاثة أعوام من الجمود والانتظار بسبب جائحة كورونا استضافت الجزائر العاصمة الدورة الواحدة والثلاثون للقمة العربية .
‏غاب عن القمة معظم الملوك والرؤساء العرب، لكنهم أرسلوا ممثلين عنهم بعد أن تبين لهم أن كل ما قيل عن لم الشمل العربي ليس إلا بلاغة سياسية وشعارات فضفاضة لا ترجمة لها على أرض الواقع.
كان النظام الجزائري يدرك أن استضافته للقمة العربية مغامرة غير محسوبة، وأن شعاراته بمناصرة القضية الفلسطينية وحق الشعوب في تقرير مصيرها لا تعدو أن تكون إلا شعارات خطابية، فحديثه عن المصالحة بقي حبرا على ورق، بعد أن تبين أن اجتماعات الجزائر لم تضف شيئا لما كان موجودا، لا بل تعمق الانقسام الفلسطيني بعد ان أصر محمود عباس الذي مثل فلسطين بعد ذلك في القمة على التمسك باتفاق اوسلو ومخرجاته وعلى رأسها التنسيق الامني مع الاحتلال.
كانت الصورة بائسة ومؤلمة أن الجزائر التي يفتخر أهلها ومحبوها بثورتهم الاسطورية ضد الاستعمار الفرنسي، ويحتفلون كل فاتح نوفمبر من كل عام بها، يستضيفون منسقا امنيا مع الاحتلال، بل وأجهزته الأمنية تقوم باعتقال وتعذيب المقاومين للاحتلال وفي كثير من الاحيان تسليمهم له..
وفي الجهة المقابلة حضر القمة انقلابيون على خيارات شعوبهم على رأسهم عبد الفتاح السيسي وقيس سعيد، وكلاهما كلف شعبه ثمنا باهظا من دمه وقوت عيشه..
بل إن عبد المجيد تبون نفسه هو خيار المؤسسة العسكرية التي أجهضت حراك الجزائريين السلمي وحلمهم الديمقراطي الذي كلفهم مئات القتلى والمفقودين والمهاجرين منذ بواكير التعددية في تسعينات القرن الماضي..
عقدت القمة العربية في ظل إجراءات أمنية مشددة تحولت معها الجزائر العاصمة الى ثكنة عسكرية ومدينة أشباح بالكامل، من خلال إغلاق الشوارع الرئيسية لتأمين مواكب الضيوف..
ولو سالت أحدًا من السياسيين والعوام لا فرق في ذلك عن نتائج هذه القمة فلن يقول إلا أنها كانت مضيعة للمال والوقت والجهد، وأنها لم تكن إلا محاولة يائسة لأقناع الشعوب العربية بانه ليس هناك أفضل مما هو قائم.. وان احلام التغيير والحرية والكرامة ليست الا كابوسا انتهى بنا الى حال التمزق والتشتت والفوضى..
ويعلم المشاركون في القمة انهم نتاج منطق المغالبة، وأنهم استقووا على شعوبهم بالقوة الصلبة داخليا وبالاحتلال واعوانه خارجيا لمنع حدوث انتقال ديمقراطي حقيقي..
ومع أن هذه المعاني كانت حاضرة وبادية للعيان في متابعة أعمال القمة العربية ونتائجها، فإن ما بات جليا لكل المغاربة والعرب، أن النظام الجزائري حاول استخدام القمة ضد المغرب الأقصى، لكنه لم يستطع الذهاب بعيدا، ليس فقط لأن حجته ضعيفة، وإنما لأن نظرائه من القادة العرب تبين لهم ذلك ورفضوا أن يكون وقودا في حرب لا مبرر لها ضد المغرب الأقصى. فأضاعت الجزائر بذلك فرصة تاريخية لأنهاء خلاف طال أمده مع جارتها المغرب..
باختصار شديد، فإن حصاد قمة الجزائر في ميزان المصالح الجزائرية والمغاربية والعربية، لم يكن الا تعميق الانقسام وتكريسه.. ولن تكون رئاسة الجزائر للقمة خلال هذا العام الا محاولة لاستخدام اموال نفط الجزائر وغازها لتكريس الخلافات العربية العربية ومحاولة ترويض الشعوب الطامحة للديمقراطية للقبول بالاستبداد وحكم العسكر..
 
كريم مولاي، خبير أمني جزائري/ لندن