القضية الأمازيغية تحتاج إلى مغاربة بروح منفتحة ونظر متعدد

القضية الأمازيغية تحتاج إلى مغاربة بروح منفتحة ونظر متعدد عبد الرحيم أريري
إذا كان صحيحا أن المغرب «لم يقطع الواد وينشفو رجليه» في الديمقراطية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب بناء على الاستحقاق والكفاءة والحظوظ المتساوية في تقليد مختلف المسؤوليات العمومية. فالصحيح أيضا أن المغرب ليس هو دولة بورما حيث تتم إبادة مسلمي الروهينجا، وليس هو أنغولا حيث يتم حرق كل من يعتنق الإسلام، وليس هو فرنسا حيث يتم منع ولوج مرفق عمومي على كل من ارتدت «فولارا» أو أسدل اللحية، فأحرى أن يتقلد منصبا عموميا.
مناسبة هذا الكلام ما يطفو على السطح مؤخرا بخصوص الغلو في الادعاء أن هناك إقصاء للأمازيغ وتهميشهم وترك أحواضهم الجغرافية عرضة للإهمال واللامبالاة، والحال أن هذا الكلام مردود عليه مليار في المائة. 
الدليل على بطلان الاتهام، أن رئيس الحكومة الحالية الذي يسير الشأن العام، هو أمازيغي أبا عن جد، علما أن منصب رئيس الحكومة هو ثاني منصب في هرم الدولة، بعد المؤسسة الملكية، وتوجد الإدارة العمومية كلها تحت إمرته لتوجيه السياسة العمومية نحو هذا الاتجاه أو ذاك.
ليس هذا وحسب، بل على امتداد استقلال المغرب، نجد أن معظم صناع القرار ينحدرون من الأمازيغ: من وزراء وجنرالات وقضاة وولاة وعمال وغيرها، هذا دون الحديث عن من يتحكم في مفاصل التجارة والاقتصاد والذين ينتسبون في الأغلب الأعم للأمازيغ.
لنبدأ بالوزراء الأمازيغ ونذكر: مبارك البكاي، عزيز أخنوش، سعد الدين العثماني، الزموري، التهامي عمار، محمد ساجد، حدو شيكر، محمد شفيق، عبد الله الشفشاوني، محمد أمزيان، عبد الرحمان بوفتاس، عبد الله أزمي، عبد السلام أحيزون، محمد حصاد، امحند العنصر، المحجوب أحرضان، الدكتورلحسن الوردي، محمد محتان، محمد حما، حسن أبو أيوب، سعيد أمسكان، مصطفى المشهوري، عبد العظيم الحافي، عبد العزيز المسيوي، المختار السوسي، صالح المزيلي، عبد الله أزماني، حمو أوحلي، واللائحة طويلة طبعا.
أما إذا توقفنا عند العلبة السوداء للجيش، فسنلاحظ أن كبار ضباطها ينحدرون من سلالة الأمازيغ، وكنموذج نقدم: الجنرال ميمون المنصوري، الجنرال عرشان، الجنرال إدريس بنعيسى، الجنرال ابن القايد، الجنرال حمو الزياني، الجنرال عبد الرحمان حبيبي، الجنرال الحسين البوهالي، الجنرال محمد أوفقير، والجنرال المذبوح، - «وهما متزعما المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين لعامي 1971 و1972» - الجنرال الزياتي، الجنرال كوريمة، الجنرال عبروق، الجنرال الحرشي، الجنرال موحى حروش، الجنرال الحسين ميصاب. الكولونيل بو الحمص، الكولونيل أوموحى، الكولونيل إدريس أورحو، واللائحة طويلة.
أما في سلك الولاة والعمال فالسجل طافح بالأسماء الأمازيغية، وحسبنا التوقف عند بعض الأسماء لكون الإدارة الترابية تقريبا تبقى حكرا بالأساس على أبناء الأمازيغ. وإليكم الأسماء: الوزير عبد الوافي لفتيت، الوالي علال السكروحي، عبد الحميد الزموري، محمد واحجير، الطاهر أوعسو، الوالي الحافي، محمد الحسني، صالح زمراك، عزيز دادس، إلخ...
نفس الشيء يسري في القضاء، إذ لا تخلو دائرة قضائية بالمملكة من مسؤولين في القضاء الواقف أو الجالس ذوي الأصول الأمازيغية وذلك منذ الاستقلال إلى اليوم، ومن الأمثلة نتوقف عند بعض الأسماء: علي عثماني، العياشي مولود، محمد الدربوعي، عبد الله سكان، علا الجيلالي، مبارك ألوبان - الحبيب اليعقوبي، حسن واحي، الطيبي العنصر، موحى مطران، ليزول أو ميمون، ماعوني سليمان، بوعزة هياج...
أبعد كل هذا يحق لهذا الناشط الأمازيغي أو ذاك، أن يجرؤ على الادعاء أن المغاربة ذوي الأصول الأمازيغية يعانون من الأبارتايد في الوظيفة العمومية أو أن المناطق الأمازيغية مهمشة؟
فالتهميش لا يستهدف عرقا أو مكونا بحد ذاته، بقدر ما هو عقيدة رسمية للسلطات العمومية (حكومة وجماعات ترابية)، التي لا تؤمن أن المغربي (أيا كانت أصوله أو منطقة سكناه) من حقه أن ينعم بالثروة الوطنية تنزيلا لمبدأ العدالة المجالية وتنفيدا لمبدا المساواة في الانتفاع من الخدمات العمومية. والدليل أن مناطق عديدة في الدارالبيضاء أو الرباط أو طنجة أو فاس أو سيدي قاسم، يعيش سكانها وضعا أفظع بكثير مقارنة مع مناطق أمازيغية.
ومن ثمة فالمؤكد أن الذين يتحدثون عن إقصاء الأمازيغ وتهميشهم، إما أنهم يعانون من قصر النظر وضبابيته، أو أنهم هم من يريد إقصاء الآخرين،  وتحطيم واقع وصورة مغرب متنوع ومتعدد الروافد.