جمال العسري: النخب المغربية مطالبة باتخاذ موقف واضح تجاه إهانة فرنسا

جمال العسري: النخب المغربية مطالبة باتخاذ موقف واضح تجاه إهانة فرنسا جمال العسري

قال جمال العسري، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، أنه على النخب المغربية اتخاذ موقف واضح تجاه إهانة فرنسا ومن مواقفها التي لا تهمها سوى مصلحتها أولا وأخيرا:

 

- كيف يمكنك قراءة الأزمة بين المغرب وفرنسا في ظل الوضع الملتبس الذي تعتمده فرنسا مع المغرب في القضية الوطنية الأولى؟

بداية تجب الإشارة إلى أن الأزمة القائمة بين المغرب وفرنسا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالعلاقات الفرنسية المغربية طبعها تعدد الأزمات و تكررها سواء الصامتة منها أو العلنية، وحتى في ظل أبرز الرؤساء الفرنسيين عشنا مثل هذه الأزمات - ديغول وميتران على سبيل المثال لا الحصر - وإن تعددت الأسباب والمسببات لكن الأزمة كانت واحدة.

واليوم وأمام الصمت الرسمي من الطرفين -المغرب وفرنسا -عن الأسباب الحقيقية لاندلاع هذه الأزمة التي لم تعد سرا، فمن اتهام المغرب بالتجسس على مسؤولين فرنسيين كبار ضمنهم رئيس الجمهورية ماكرون، إلى الحديث عن تبرم فرنسا من نزوع المغرب نحو الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وتجاوزه للخطوط الحمراء في علاقاته الإفريقية ومنافسته لفرنسا في حديقتها الخلفية -إفريقيا -وأثر ذلك على العلاقات الفرنسية الإفريقية، وما حدث مع مالي أحد أبرز الدول القريبة من المغرب خير نموذج. ومما زاد من تعميق الأزمة بين البلدين هو الموقف الفرنسي من قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الصحراء، وإن كان لا أحد ينكر المساعدات التي قدمتها فرنسا لنا بخصوص هذه القضية خاصة وأنها تحمل صفة عضو دائم بمجلس الأمن وما تعطي لها هذه الصفة من قوة داخل مجلس الأمن وهي واحدة من الأعضاء الخمس المالكين لحق النقض / الڤيتو، إلا أن المغرب لم يعد يقبل بأنصاف الحلول، أو بالدفاع عن قضيته من وراء الستار خاصة وأن ملك البلاد صرح في أكثر من خطبة بأن السياسة الخارجية المغربية تغيرت وأنها ستبنى على مدى دعم الدول الصديقة لملفنا العادل وأن المنظار الذي سينظر به المغرب للخارج هو منظار الصحراء والموقف منها، فرنسا وهي من الدول القليلة الأكثر معرفة واطلاعا على الملف لم تستطع اتخاذ الموقف الذي اتخذته إسبانيا، لسبب واحد أنها لا تريد أن تخسر الجزائر وهي واحدة من أقدم مستعمراتها بل وكانت تعتبرها أرضا فرنسية ، وخاصة في الوقت الذي نجدها في أمس الحاجة للغاز الجزائري بعد تهديدات موسكو بقطع غازها عن أوروپا وضمنها فرنسا خاصة ونحن على أبواب فصل الشتاء البارد، ففرنسا حاولت وكما كانت تفعل دوما اللعب على الحبيلين حتى لا تخسرالأخوين العدوين اللذوذين - المغرب والجزائر - وفي نفس الوقت لا تريد أن تخسر حليفا إفريقيا آخر بعد أن خسرت مالي، لهذا حاولت الاستمرار في موقفها الملتبس وهو الأمر الذي لم يعد يرضي المغرب خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية انحازت لجانب المغرب وهو نفس الموقف الذي اتخذته دول قوية داخل الاتحاد الأوروبي كألمانيا وإسبانيا.

 

ما تعليقك حول الإهانة التي يتعرض لها المغاربة بخصوص الفيزا الفرنسية؟ وكيف يفسر مع ذلك تهافت المغاربة على فرنسا ومنتوجاتها؟

بخصوص الإهانة التي يتعرض لها المغاربة بخصوص الڤيزا، هي الأخرى ليست وليدة اليوم، وإن كان فقط اليوم زاد حجمها كما وكيفا، أي من حيث العدد ومن حيث الفئات المستهدفة، فعلى الدوام أو على الأصح منذ فرض نظام الڤيزا على المغاربة الراغبين في زيارة فرنسا كان المواطنون يعانون أمام السفارة والقنصليات الفرنسية وبعدها مكاتب الڤيزا، وكانوا يتعرضون لمختلف أشكال الإهانات وكانت ترتفع أصواتا بين الفينة الأخرى منددة ومستنكرة لهذا الوضع المذل، كما أنه ومنذ زمان كان يفرض على المواطن الراغب في الحصول على الڤيزا أن يؤدي ما يسمى رسم الڤيزا وهو الرسم الذي كان لا يرجع لمن رفضت لهم الڤيزا، ما وقع اليوم أن رقعة الإهانات والإذلال والاستفزاز اتسعت، اتسعت كما - العدد - وكيفا - تضررت منها فئات عليا: أطباء، مهندسون، أساتذة، محامون، سياسيون، رجال أعمال ... - وهذا ما جعل الأصوات ترتفع أكثر وتسمع أكثر، فهذه الإهانة استعملتها فرنسا كورقة ضغط على الدولة المغربية، استعملتها وهي تظن أن هذه الأطر ستضغط على الدولة حتى تقبل بشروط فرنسا أوعلى الأصح الإبتزاز الفرنسي للدولة المغربية، فرنسا أخطأت القراءة وهي تظن أن الفرانكوفيين والأطر العليا التي ترتبط بوشائج مع "ماما" فرنسا سيضغطون على بلدهم من أجل زيارة فرنسا، ولكن اليوم وهي ترى انقلاب السحرعلى الساحر واتساع موجة الغضب من فرنسا وارتفاع أصوات بمقاطعة فرنسا ومنتوجاتها بل وحتى استبدال اللغة الفرنسية تحاول البحث عن مخرج لها من هذا المأزق كما فعلت مع تونس، فهمها الآن هو هذا الصوت الذي بدأ يرتفع وتتسع رقعته لمقاطعة المنتوجات الفرنسية خاصة وأن درس المقاطعة لازال قريبا - مقاطعة دانون مثلا -

 

ماهو دور النخب السياسية والحزبية في تعبئة الرأي العام من أجل رأي عام وطني مضاد لموقف فرنسا؟

اليوم وبعد أن تم وضع النخب السياسية والحزبية في نفس الكفة التي كان يوضع فيها بسطاء الشعب، وذاقوا من مرارة الڤيزا، ومن الرفض غير المبرر لإعطائها، أظن أن هذه النخبة أدركت أخيرا سياسة المستعمر القديم، وفهمت أن فرنسا ما يهمها هو مصلحتها واقتصادها، وفهموا أن فرنسا كانت تعتبرهم الطابور الخامس لها، وهذا الإدراك والفهم هو الذي يفرض على هذه النخب اتخاذ موقف واضح من هذه الإهانة ومن مواقف فرنسا المتعددة، المواقف التي تقع تحت عنوان كبير واحد هو مصلحة فرنسا أولا وثانيا وثالثا وأخيرا، واليوم أمام هذا الفهم والإدراك نرى رد فعل هذه النخب وإن كان لازال محتشما وصوتها لازال ضعيفا للتنديد بمواقف فرنسا وعلى رأسها موقفها من قضيتنا الوطنية الأولى، واليوم الذي تعي فيه هذه النخب بقوتها وقدرتها على تغيير مواقف فرنسا بممارسة الضغط عليها خاصة وأن المصالح الفرنسية بالمغرب لا تعد ولا تحصى وتشمل تقريبا كل القطاعات.

 

ما هي التوصيات التي يمكن تقديمها في هذا الشأن؟

اليوم ما يتحكم في العلاقات الدولية هو المصالح والمصالح الاقتصادية على الخصوص، واليوم على فرنسا أن تدرك أن مصالحها التي كما قلت لا تعد ولا تحصى هي مع المغرب، وأن المغرب وخاصة في سياسته الخارجية قد تغير و تغير كثيرا، ويجب أن تعي بأن قضية الصحراء هي ليست قضية الحاكمين فقط ولا هي فقط قضية النظام بل هي قضية الشعب المغربي كل الشعب المغربي غير المستعد بتاتا للتفريط ولا في شبر واحد من وطنه، كما عليها أن تعي أن زمن "ماما فرنسا" قد انتهى، وانتهت معه التبعية المطلقة عندما كانت القرارات المصيرية تته بعد استشارة السفارة الفرنسية، فرنسا عندما ستعي هذا ستدرك أنها غير مستعدة البتة لأن تختار حليفا آخر بعد أن خسرت مالي وأن ما وقع لها مع دولة مالي يمكن أن يقع مع المغرب.