أحمد شتيوي: الخلط بين العلم والدين

أحمد شتيوي: الخلط بين العلم والدين أحمد شتيوي
يعتبر القرآن الكريم كتاب هداية لا كتاب طب وعلوم، ولو لم يكن كذلك لما كان علينا أن ننتظر سنين عددا حتى يأتينا الغرب، الذي يكفره الغلاة ويبغضونه، بلقاح السل والكبد والبوليو وغيرها من الأمراض التي فتكت بالمسلمين وغيرهم رغم وجود القرآن بين أيديهم وفي صدورهم.
ان ربط الدين بالطب هو ما انتج لنا تلك الجحافل من العشابة والرقاة وغيرهما من الأفاكين المتاجرين بكتاب الله. ولعلها نفس الحيلة التي يلجأ لها رجل السياسة حينما يتوسل بالدين لقضاء مآربه السياسية مدغدغا مشاعر الناس الدينية، حتى إذا ما تم له الأمر انقلب على عقبيه. ولنا فيما يتسبب فيه ذلك الطب الخرافي المنسوب ظلما للنبي من عاهات يوميا، وما يتسبب فيه الإسلام السياسي حاليا من خراب في البلدان العربية ما يؤكد ذلك.
الفايد بدوره يلعب على هذه الأوتار، فيغلف بضاعته من العلم، الذي نحترمه، بصبغة دينية، فيسيئ بذلك للإسلام، وإلا ما معنى أن يعتبر سرقة الأحذية من المساجد مؤامرة على الإسلام وهو في خضم درس علمي عن التغذية، وما معنى أن يضرب قاعدة الرخص الشرعية فيحث مريديه على الصيام وإن كانوا مرضى. وما معنى أن يرشد الناس لشرب فرت الإبل تماشيا مع حديث مشكوك في صحته، وما معنى أن يحرض الناس على نبذ الطب وعلومه الذي تشرئب إليه اليوم الأعناق، بقوله (وصيت ولادي يلا مت يغطوني حتى نموت). 
إن أكبر إساءة للدين هي الزج به في أمور الطب وغيرها، ومن تم تقويله مالم يقل، ومكمن الإساءة يظهر حينما يتبث خطأ نظرية علمية ما كان يعتقد توافقها مع الدين وسبقه إليها، إذ نصبح أمام خيارين؛ إما التشكيك في الدين أو التأويل المتمحل للخلاص من الورطة، وفي كلتا الحالتين نسيء للدين من حيث لا ندري. فالعقيدة الدينية تجسد الحقيقة المطلقة في حين أن النظرية العلمية، كما يقول برتراند راسل، غير نهائية وقابلة للتعديل، ولذلك فالدين يتجذر ويتقوى كلما تجنب دعاته التورط في تأكيدات يمكن للعلم أن يدحضها.