العلوي: المنتقى المعين من شعراء المغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين

العلوي: المنتقى المعين من شعراء المغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين الدكتور عبد الله بنصر العلوي

إن حضور الشعر في الثقافة العربية -كان وما يزال - عامل شعور بالهوية العروبية والدينية والوطنية والإنسانية، لذا كان الاحتفاء بجمع نصوصه وانتقائها وتصنيفها سجلا حافلا بضروب الإبداع وتعدد الاتجاهات ومختلف الأغراض..كما كان الاهتمام به في تاريخ الشعر العربي مجال صنع دواوين وانتقاء مختارات . 

ونحن في المغرب الأقصى نلمس عناية كبيرة بالشعر ، ورغم قلة ما وصلنا من دواوينه  مما يبرر كثرة كتب الاختيارات الشعرية  وسعي الكثير من أدبائه ومؤرخيه إلى الاستشهاد بنصوصه واستحضار دفينه، باعتباره وثيقة يتفاعل فيها الواقع و الفكر والإبداع.  لذلك  وجهت عنايتي إلى  صنع مجموعات شعرية لبعض شعراء المغرب في حواضر:  الصحراء المغربية وسوس وفاس والرباط وسلا ومراكش وتطوان ومكناس  وغيرها..  وأشعارهم مما انتقيته من مصنفات  مطبوعة أو مرقونة أو مخطوطة .

وقد كانت مناسبة إعدادي لأعلام الشعر في هذه الحواضر  الإسهام في المنجز المعجمي لمؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري بالكويت يعتمد وضع معجم  لشعراء العربية :
 

1 - معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين.

2 - معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين».

3 - معجم البابطين  لشعراء العربية في عصر الدول والإمارات».

وقد أسهمت في المعجم الثاني مع زملائي في الدراسات المغربية ( إبراهيم السولامي -أحمد الدويري-أحمد الطريبق-أحمد الطريسي - أحمد العراقي- أحمد متفكر -  سعيد ابن الأحرش -

سعيدة العلمي_ عباس الجراري(مراجعا) - عبد الصمد العشاب - عبد الله المرابط الترغي - عبد الله بنصر العلوي- عبد الوهاب الفيلالي- محمد الحبيب السولامي-محمد الدناي - محمد العمري- محمد أديوان- محمد عبد الحفيظ كنون - محمد علمي يزامي -  مصطفى الجوهري)

في إعداد استمارات وضعتها المؤسسة وفق خطة تحدد فيها المطلوب من معلومات حول الشاعر وعصره ومنتخبات من شعره. وقد بلغ ما أنجزتُه  مائتين وأربعة عشر(214) شاعرا متوفى ورد أغلبهم ضمن المنجز المغربي في المعجم  الذي وصل إلى سبعة وثمانين وثلاثمائة (387) شاعر، ممن عاشوا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين ضمن شعراء المعجم وقد بلغ عددهم تسعة وثلاثين وثمانية آلاف (8039) شاعر ينتمون إلى ثلاثة وأربعين (43) بلدا.

وقد صنفت هؤلاء الشعراء حسب مكان ميلادهم وفق المنهج الإقليمي الذي لا يعارض الرؤية الوطنية والإنسانية. فقد دأبت الدراسات المغربية على لمّ شتات كثير من أخبار المدن التي حظيت بكتابات عن تاريخها وأعلامها ممن وُلد بها أو حلّ فيها أو توفي بها، مما يسهم في تكامل الرؤية الثقافية الوطنية. كما قال عميد الأدب المغربي د.عباس الجراري: «مهما بدا لنا هذا التأليف مغرقا في الإقليمية فإنه في نظرنا يعتبر أصلح منهاج لتناول التاريخ المغربي وتاريخ الفكر المغربي».

وقد جاء منجزي هذا موزعا على الحواضر الآتية:

حواضر الصحراء المغربية : واحد خمسون (51) شاعرا،

وسوس خمسة وستون  (65) شاعرا،

وفاس ثلاثة وثلاثون (33) شاعرا،

والرباط تسعة (9) شعراء،

وسلا اثنا عشر (12) شاعرا،     

ومراكش ثمانية (8) شعراء،

وتطوان سبعة (7) شعراء،

والقصر الكبير خمسة  (5) شعراء،

ومكناس عشرة (10) شعراء،

وتافيلالت (مدغرة) ثلاثة عشر (13) شاعرا،

وحواضر المغرب الشرقي خمسة عشر شاعرا ( 15) شاعرا،

وآسفي وطنجة لكل منها شاعران(2)، وشاعر واحد لكل من رشيدة والقنيطرة ووزان.(1) .

 وقد حدتني إلى هذا الإسهام الذي أسميته:

«المنتقى المعين من شعراء المغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين»

جملة من الدواعي تتعلق بهذه الفترة الزمنية :

  أ - أن جل شعراء هذه الفترة لم يستوعبهم الدراسات في الشعر المغربي.

ب - أن ضياع بعض أشعارها يعدّ ظاهرة عامة جدّ الباحثون في التنقيب  عنها.

ج - أن جمع هذه الأشعار المتفرقة في مصنفات المعرفة أصبح ضرورة في البحث لصون التاريخ المغربي .

د - أن جمع جملة من شعراء هذه الفترة وأشعارهم يسهم في الكشف عن الدفين في تاريخ الشعر المغربي.

هـ - أن حضور هؤلاء الشعراء المغاربة ونماذج من أشعارهم يعدّ عملا من شأنه الاطلاع على الشعر المغربي وفق تمثلاته وتوجهاته بلاغة وفكرة وأسلوبا.

ومثل هذه الدواعي تجعل من إقدامي على نشر منجزي في المعجم من جهة، وما حرصت على إضافته من سير ونصوص لشعراء مغاربة ينتمون إلى الفترة المشار إليها، عرضا توخيت منه تجاوز ما نشر في معجم البابطين الذي راجعت هيئته المنجز واقتصرت على بعض معلوماته والاستشهاد بنص أو نصين أو مقتطفات من قصائد مما تضمنته صفحة أو صفحتان من الحجم الكبير. ولما كان منجزي في استمارات المؤسسة أكبر وأشمل مما نُشر في المعجم، كانت رغبتي  ملحة في نشر هذا المنجز كاملا، نظرا لغنى معلوماته وكثرة نصوصه، حسبما  أسعفتنا به مصادر البحث.

وقد نهجت في إعدادي لهذا المنتقى المعين :

أ -وضع تقديم عام يعرّف بدواعي النشر .

ب - تمهيد عن الحاضرة الشاعرة.

ج - تصدير بمثابة مدخل إلى الحركة الشعرية بالحاضرة كتبه أحد الباحثين.

ح - قسم الشعراء، وتضمن :

- عرض سيرة مختصرة للشاعر و منشور شعره   

- توصيف شعره، وتقريظ الشاعر 

- انتقاء أشعاره أو ما توفر منها  في مصادر ها مع بعض الشروح اللغوية والتاريخية، مع وضع عنوان لها وتحديد وزنها.

د - وضع ملحقين : الأول منهما لأعلام الشعر المغربي التي انفردتُ بإعدادها ، والتي وردت في المعجم، والتي لم تذكر في كليهما، والملحق الثاني  لبعض المصادر والمراجع التي تسهم في تطور البحث العلمي في الشعر المغربي.

وإغناء لهذا «المنتقى المعين» حرصت على استكتاب مجموعة من الباحثين الأكاديميين لإعداد تصدير لكل حاضرة ارتأيناه أن يكون مدخلا للحركة الشعرية فيها، فكتب الأساتذة: محمد الظريف وعبد الكريم الرحيوي ومصطفى بوخبزة عن شعر الصحراء المغربية، وكتب رشيد كناني عن شعر سوس، وكتب أحمد العراقي عن شعر فاس، وكتب عبد الباسط اجليلي عن شعر الرباط، مصطفى الشليح عن شعر سلا، وكتب السعيد بنفرحي عن شعر مراكش، وكتب جعفر ابن الحاج السلمي عن شعر تطوان، وكتب عبد الكريم  الفرحي عن شعر القصر الكبير، وكتب أحمد الدويري عن شعر مكناس، وكتب عبد العزيز بلبكري وعمر قلعي عن شعر تافيلالت (مدغرة). وبإسهام هؤلاء الباحثين تطلعت إلى ما يفيد القارئ لمنجزي في هذا «المنتقى المعين» ليكون مقصدا لبسط صورة عامة عن شعراء الحاضرة يتفاعل فيها العصر والشاعر والنص.

ولعل ما كابدته من معاناة في سبيل إخراج هذا «المنتقى المعين» يكون شفيا لي  في خدمتي للشعر المغربي، في مواجهتي لصعاب حفرياته وجمع ما  تفرق منه..

آمل بتقديم هذا «المنتقى المعين» أن أقرّب الباحثين في الشعر المغربي إلى نصوص معلومة أو مخطوطة أو غميسة ، لعلي أكون وفيا لمسيرتي العلمية  التي واكبتها نحو نصف قرن راجيا من الله تعالى حسن القبول

ويجدر بي أن أقدم جزيل الشكر لكل الأساتذة  الكرام الذين شرفوا هذا «المنتقى المعين من شعراء المغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين»   بدراساتهم القيمة فلهم اعتزازي بأريحية استجابتهم لكتابة تصدير لأسفار  «المنتقى المعين»، كما أقدم وافي الامتنان لكل الباحثين الأعزاء الذين تعاونوا  معي  في الرقن والمراجعة.