طرقات كازا تقلص عمر البيضاويين وتنهب ناتجهم الداخلي الخام !

طرقات كازا تقلص عمر البيضاويين وتنهب ناتجهم الداخلي الخام ! عبد الرحيم أريري
في عطلة عيد الأضحى، ربحت في كل يوم بين ساعة ونصف وساعتين من الزمن كانت تهدر هباء في اختناقات المرور بالدارالبيضاء. ففي هذه العطلة (يومي الإثنين والثلاثاء)، كانت 12 دقيقة كافية لأقطع مسافة 9 كيلومترات انطلاقا من مقر سكني إلى مقر عملي، علما أنه في هذه العطلة، وبحكم الانسيابية الرائعة في السير، أسوق بسرعة 50 أو 55 دون توتر أو إزعاج وأصل مرتاح البال إلى المكتب. أما خارج أوقات العطلة -وهنا المفارقة- فأضطر إلى قطع نفس المسافة بين سكني وعملي في زمن يتراوح بين ساعة أو50 دقيقة، حسب طبيعة الاختناق وحجم المرور، وهل هناك حادثة في "رومبوان" أو إشارة مرور معطلة في ملتقى طرقي تزيد "الخل على الخميرة" في الازدحام. وعندما أصل إلى المكتب أصل مثل جريح خرج للتو من قصف صاروخي.
 
طبعا، الصحافي ليس نموذجا يقاس عليه في التعميم بحكم كثرة تنقلات الصحافيين في اليوم (بحكم طبيعة عملهم شأنهم شأن مهن أخرى تتطلب تنقلات يومية كثيرة)، ولكن إسقاط هذه الحالة على نموذج موظف أو إطار أو مستخدم يتنقل فقط مرتين في اليوم (ذهابا وإيابا)، يكشف لنا أن الازدحام والاختناق في شوارع البيضاء يتسبب في فقدان مئات الآلاف من ساعات العمل.
 
فحسب إحصاء المندوبية السامية للتخطيط، فمدينة الدار البيضاء (أقصد البلدية وليس الجهة)، تضم 819.818 أسرة. وإذا افترضنا أن هناك الثلث فقط من أرباب الأسر (رجالا أو نساء)، ممن يتنقلون بسيارتهم بين مقر سكناهم ومقر عملهم (شركة، بنك، محكمة، مؤسسة تعليمية، صيدلية، مستودع، مستشفى...إلخ)، فمعنى ذلك أن ثلث الأسر البيضاوية تفقد 564.636 ساعة هباء في اليوم بسبب مشكل السير، أي ما يمثل 14.680.536 ساعة في الشهر. أما في السنة فيصل الضياع إلى 161.485.896 ساعة تهدر هباء لـ 273.318 رب (ة) أسرة بسبب الاختناق المروري بمدينة كازا. وهذا ما يخنق الناتج الداخلي الخام للعاصمة الاقتصادية ويكبل نموها، من جهة، ويسبب ضياعا سنويا يقدر بحوالي 5 ملايير درهم للمتضررين، من جهة أخرى.
 
ترى لو توفرت الإرادة (مركزيا وجهويا ومحليا) لتسطير خطة تروم تطويق مشاكل السير والجولان بالبيضاء في المدى المتوسط، باستحضار كل الأبعاد: تعميرية، وتوطين الأنشطة والمرافق، وضبط مساطر الترخيص للخدمات، وتحسين المدرسة العمومية لتقليل تنقلات الآباء نحو المدارس الخاصة، وتكثيف النقل الحضري في حافلات تحترم الوقت ولا تتجاوز طاقتها الاستيعابية...إلخ، فلي اليقين أن البيضاء سينزع عنها طابع التوحش وتسترجع المدينة آدميتها وستربح ثلاث أو أربع نقط في ناتجها الداخلي الخام، وسيزداد أمد الحياة لبيضاوة مقارنة مع باقي سكان المغرب. إذ لا يعقل أن يصل متوسط أمد الحياة بالمغرب إلى 76 سنة بينما البيضاوي لا يعيش إلا 72 سنة أو 73 سنة في المتوسط، بسبب الاختناق والتوتر والضغط والتلوث والضجيج.