السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: ليس دفاعا عن الياس العمري؛ بل عن المحاكمة العادلة

نوفل البعمري: ليس دفاعا عن الياس العمري؛ بل عن المحاكمة العادلة

الجميع يتابع أطوار محاكمة معتقلي احتجاجات الحسيمة؛ وتتغير نظرتنا بحسب رؤيتنا للاحتجاجات وطبيعة الحركة الاحتجاجية الجماهيرية التي خلقتها في أرض الواقع، بل أحيانا من قد تجد ممن يتابع بالكثير من الاهتمام أطوارها وهو مقتنع بإدانة المتهمين، كما قد تجد من هو مقتنع ببراءتهم لكن في النهاية الكلمة الفصل للقضاء الذي سيقول كلمته بعد مناقشة الملف في دفوعاته الشكلية المرتبطة بالإجراءات المسطرية التي أطرت اعتقال المتهمين وعملية تفتيش  منازلهم و مدى قانونية مختلف الإجراءات التي تم القيام بها من طرف الضابطة القضائية وهي دلوعات تنطلق من الدستور وقانون المسطرة الجنائية وتعتبر معركتها في ساحة العدالة من المعارك القانونية الحد مهمة، ثم الموضوعية المتعلقة بالوقائع نفسها، ومتابعة النيابة العامة أو قاضي التحقيق في قرار إحالته ومدى مطابقة الوقائع المنسوبة للمتهمين مع المحاضر نفسها التي تعد مجرد بيانات ما دمنا أمام جناية، ومع فصول المتابعة و أركان الجرائم المتابعين من أجلها سواء في جانبها المعنوي أو المادي، وهذا النقاش القانوني والحقوقي جد مهم، ويجب ان يكون ونشجعه لأنه في نهاية المطاف لا ينتصر لهذا الطرف أو ذاك لكن في عمقه ينتصر للعدل والعدالة؛ ينتصر للقانون؛ ينتصر للمغرب ولسياقه التاريخي الذي تمر منه المحاكمة.

في كل ذلك خرج عضوين من هيئة دفاع المتهم -وهو بريء حسب الدستور إلى أن تثبت إدانته-  يتهمان أمين عام لحزب سياسي بكونه أراد الانقلاب على الملك والتآمر عليه، ونسبا هذا التصريح للزفزافي وهو تصريح جد خطير لا يبرئ موكلهم بل إذا ثبت لابد وأن تضاف متابعة أخرى للزفزافي وهي عدم التبليغ عن جناية وأية جناية، هي الانقلاب على الملك، بعيدا عن الصخب السياسي والإعلامي الذي أحدثته هذه التصريحات لابد وأن نتساءل، وأنت في معرض الدفاع عن موكلك وهو متابع في الأصل بتهم ثقيلة هل تبحث له عن طوق النجاة أم تورطه وتعمل على إضافة وقائع أخرى أنت أكثر العارفين أن عدم التبليغ عنها يعاقب عليها القانون؟؟خاصة وأن الأمر لا يتعلق بتهمة عادية بل التآمر على الملك!!!!

بل أصبح سؤال آخر يطرح نفسه بجدية هل هناك رغبة في تبرئة المتهمين أم أن استمرار اعتقالهم وإدانتهم هو ما يحرك مطلقي هذه التصريحات ونسبتها لموكلهم؟

بل أكثر من ذلك إطلاق تصريحات ونسبها لمتهم هل يعد ذلك من صميم المحاكمة العادلة التي تحدث عنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والدستور؟

أم فيها خرق لهذه القواعد من خلال استغلال وضعية المتهم وتوريطه في وقائع من نسج الخيال؟

تخيلوا، إلياس العمري يحمل الهاتف ويتصل بالزفزافي ويقول له بكل سهولة سي الزفزافي واش نتعاونوا في إسقاط الملك؟؟

إنه ليس الخيال فقط؛ بل العبث بعينه، العبث بالقانون وببذلة المحاماة وقسمها؛ العبث بمصالح الموكلين ودفعهم للهاوية.

المحاكمة العادلة تم خرقها اليوم وللأسف من طرف دفاع الزفزافي، تم خرقها انتصارا لرغبة في تصفية حساب سياسي مجاله خو الميدان وليس ساحة العدالة وليس العبث بحرية الزفزافي ومن معه، لأنه من يعتقد أن هكذا تصريح يبرئه فهو يبيع لعائلة المتهمين الوهم ويوظفهم في لعبة سياسوية قذرة.

يسجل التاريخ أن المحاكمة العادلة اختل ميزانها وخرقت ليس من طرف النيابة العامة ولا الهيئة المعينة في الملف؛ بل من الدفاع، من حماة القانون والحقوق والحريات.

لست هنا في مجال الدفاع هن إلياس العمري، فهو قام بما يجب القيام له وأصدر محاميه بلاغا في الموضوع، بل   دفاعا عن حق ناصر الزفزافي في محاكمة عادلة.

ملحوظة: لم أنشر ما دونته اعلاه إلا بعد لقاءي اليوم بأحد الأساتذة الذين ينوبون في الملف ومناقشتي له في الموضوع؛ وان هناك محامون عقلاء يدافعون بمهنية عن المعتقلين، لكن الإعلام أحيانا وهذا حقه يبحث على الإثارة أكثر من المهنية.