الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

عبد الإله الجوهري: مالك أخميس، حرباء الشاشة وسيد البسمة

عبد الإله الجوهري: مالك أخميس، حرباء الشاشة وسيد البسمة

صحيح أن المغرب يحبل بالعديد من الوجوه السينمائية الموهوبة في فن التمثيل، وجوه أبانت عن موهبتها وعلو كعبها في تقمص الأدوار المسنودة لها والوفاء لإبداعيتها، مثلما حرصت على تطوير إمكانياتها من عمل لآخر مع الوعي بالفروقات الحاصلة بين الأدوار والأشرطة والأجناس الفيلمية.. لكن يظل مالك أخميس (في اعتقادي) الممثل الأكثر نجاحا، وحرصا على التطور والتألق في السنوات الأخيرة، على الرغم من كونه لا يبحث عن الشهرة أو الاقتراب من دائرة الأضواء الخادعة أو التمسح بأعتاب المنتجين والمخرجين وأرباب القرار، كما يفعل بعض أنصاف الموهوبين الساكنين بين جنبات وسائل الاتصال العامة والخاصة، والخالقين الضجة تلو الضجة، دون فائدة تذكر، اللهم فائدة خلق الشوشرة ونشر قيم الحقد والضغينة والضرب من تحت الأحزمة.. فمالك يملك قراراته بكل قدرة واتزان، وممثل حريص على المرور من فضاء لفضاء دون جلبة أو صياح، وفنان عاض بنواجد البحث عما يميزه ويقدمه للجمهور في أحسن حال.

شارك أخميس في عشرات الأفلام والمسلسلات، بأدوار ما بين الصغيرة والكبيرة، لكنها جاءت كلها مقدمة باحترافية عالية وقدرة رهيبة على التقمص والتلون والتوحد. يكفي أن نقف مثلا عند آخر أدواره السينمائية (لأنه من الصعب التطرق لكل أعماله في هذه الوقفة النابعة من القلب)، لنعرف مدى قدرة هذا المبدع الخلاق، على الخلق والإبداع.. فهو مبدع متواضع إنسانيا، لكن كبير فنيا، كبير ونحن نتابعه في فيلم "في بلاد العجائب" وفيلم "البحر من ورائكم" و"حياة".. ما بين تجربة جيهان بحار، وقبلها تجربة هشام العسري، وبعدهما رؤوف الصباحي، نلاحظ الفروق الواضحة في طرق الأداء. ما بين الدرامي القاتم والكوميدي المنفتح على البهجة والفنتازي الغارق في النقد اللاذع الواع لمظاهر التطرف، مسافة أميال وأميال، لكن أخميس قلص هذه المسافات وحولها لمساحات من اللعب والإمتاع، حولها للحظات تجترح روح المتفرج الولهان لكل ما هو مبدع جديد، بالأفلام القادرة على رج الأحاسيس كمدا وتعاسة أو ضحكا و قهقهة، حزنا غائرا في النفوس أو فرحا ضاجا بالسعادة.. أفلام قادرة على تقديم الفرق بين السينما المصنوعة بحرفية عالية، والسوليما المصنوعة بقبح الفهم والتسرع في الإنجاز.

لمالك أخميس، الصديق الفنان، صاحب البسمة والروح الخفيفة والانحياز للحق والتقوى والبهاء، أقول: دامت لك مسرات الأداء وفرحة الجمال وعشق الانتصار للأحبة والنساء الجميلات القادرات على نثر شعاع البهجة والفرحة، في أكثر النفوس البشرية شؤما وتشاؤما.. ودمت صديقي وعزيزي الذي أعتز بصداقته أينما حللت أو ارتحلت.